الثغرات القانونية التي تعيق الممارسة المهنية والأخلاقية لعلم النفس الإكلينيكي

 




تعد مهنة علم النفس الإكلينيكي من المجالات الحيوية المرتبطة مباشرة بالصحة النفسية والعقلية للأفراد، مما يستدعي وجود إطار قانوني وتنظيمي واضح يضمن جودة الخدمات المقدمة ويحمي حقوق المستفيدين. غير أن الواقع يكشف عن عدد من الإشكالات التنظيمية التي قد تؤثر على الممارسة المهنية، وتستدعي التفكير في خطط قانونية أكثر دقة وشمولا.


يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على هذه الثغرات من منظور أكاديمي، مع الاستعانة بأمثلة عامة وتوضيحية غير مرتبطة بحالات أو جهات محددة.



1. غياب إطار قانوني شامل ينظم المهنة


لا تزال ممارسة علم النفس الإكلينيكي في حاجة إلى قانون تفصيلي يحدد الاختصاصات، شروط المزاولة، ومسؤوليات المعالج. هذا الفراغ يسمح بتعدد الممارسات وتباين مستويات التأهيل دون إطار تنظيمي موحد.


مثال توضيحي عام:

قد يلجأ بعض الأفراد ممن ليست لديهم تكوينات متخصصة إلى تقديم خدمات في الاستشارة أو الدعم النفسي، مما يخلق التباسا لدى الجمهور حول من يملك المؤهلات المهنية.


2. الحاجة إلى هيئة مهنية رسمية


غياب جهاز تنظيمي مثل مجلس وطني لعلم النفس يجعل مهام الترخيص، والمراقبة، وتدبير الشكايات غير مؤطرة بشكل مؤسساتي.


مثال عام:

قد لا يجد بعض المستفيدين جهة رسمية واضحة يمكنهم التواصل معها عند الرغبة في طرح استفسارات أو ملاحظات تتعلق بجودة الخدمة.


3. تداخل الاختصاصات بين الفروع النفسية


في بعض السياقات، لا يتم التمييز بدقة بين تخصصات الإكلينيكي، الإرشادي، المدرسي، العصبي وغيرها، مما يخلق غموضا في حدود التدخل.


مثال عام:

قد تستعمل بعض الأدوات والتقنيات النفسية المتقدمة في غير سياقاتها التخصصية، مما يقلل من دقة النتائج.


4. ضعف تنظيم استعمال الاختبارات النفسية


تتطلب الاختبارات والمقاييس النفسية شروطا علمية وتقنية دقيقة، لكن غياب قوانين خاصة بالاختبارات قد يؤدي إلى تداول أدوات غير مقننة بالشكل المطلوب.


مثال عام:

استخدام نسخ غير محينة أو غير مكيفة محليا من بعض المقاييس قد ينعكس على جودة التقييم.


5. الحاجة إلى تأطير أفضل للتدريب العملي والإشراف


يتطلب التكوين الإكلينيكي ساعات تدريب ميداني تحت إشراف متخصصين مؤهلين، إلا أن غياب نظام قانوني موحد لهذا المجال يؤدي إلى تفاوت في جودة التكوين.


مثال عام:

قد تختلف مدة التدريب ومضمون الإشراف من مؤسسة لأخرى دون وجود معايير ثابتة.


6. انتشار بعض الممارسات غير العلمية


في غياب قانون ينظم بدقة المهن المرتبطة بالصحة النفسية، قد تظهر بعض الممارسات التي لا تستند إلى أسس علمية واضحة، مما يؤثر على فهم المجتمع للعلاج النفسي.


مثال عام:

قد تقدم بعض الجهات خدمات تحمل صبغة نفسية دون مرجعية علمية معترف بها.


7. غياب تحديد دقيق للمسؤوليات القانونية


غياب إطار تشريعي مفصل يجعل تحديد المسؤوليات المهنية أثناء الممارسة الإكلينيكية أمرا غير واضح في بعض الحالات.


مثال عام:

في حال وقوع إشكال مهني، قد يصعب تحديد الجهة المختصة بالنظر فيه أو المسطرة الواجب اتباعها.


8. الحاجة إلى تعزيز حماية سرية المعطيات


المعلومات النفسية حساسة بطبيعتها، وتحتاج إلى ضوابط قانونية واضحة تحمي خصوصية المستفيدين وآليات حفظ البيانات.


مثال عام:

قد تختلف طرق التعامل مع الملفات من مؤسسة لأخرى في غياب معايير موحدة.


9. عدم وضوح مكانة الاختصاص النفسي داخل المنظومة الصحية


في بعض السياقات الصحية، لا تكون الأدوار المهنية للأخصائي النفساني محددة بدقة داخل الفريق العلاجي، مما يؤدي إلى تداخلات تنظيمية.


مثال عام:

قد يحدث اختلاف في توزيع المهام أو المسؤوليات داخل المؤسسات الصحية.


في الختام، إن معالجة الثغرات القانونية والتنظيمية المرتبطة بممارسة علم النفس الإكلينيكي تعد خطوة أساسية نحو تعزيز الثقة في الخدمات النفسية وتحسين جودتها. فالتحديات القائمة لا تمثل انتقاصا من المهنة بقدر ما تعكس الحاجة إلى إطار تشريعي شامل ومتكامل، يضمن وضوح الاختصاصات، ويحمي المستفيدين، ويحدد معايير التكوين والممارسة.


إن تطوير هذا الإطار من شأنه دعم الصحة النفسية للمجتمع، وتوفير بيئة مهنية متوازنة ومسؤولة، تحترم فيها الأخلاقيات العلمية ويتم فيها صون كرامة الإنسان وحقوقه.


16 نونبر 2025


Santé mentale : un cadre légal pour les psychologues sera bientôt adopté (Tehraoui)


👇


https://lematin.ma/societe/cadre-legal-pour-les-psychologues-bientot-au-maroc/310188/amp